يعمل عالمنا على الذكاء الاصطناعي، حيث تدير (Siri) تقاويمنا ويقترح فيسبوك أصدقائنا وتتداول أجهزة الكمبيوتر أسهمنا ولدينا سيارات تُركن ذاتيًا وتكاد أن تكون مراقبة الحركة الجوية أوتوماتيكية بالكامل، فقد استفاد كل مجال من التقدم في الذكاء الاصطناعي تقريبًا من الجيش إلى الطب إلى التصنيع. ومع ذلك لم تقدم أي من التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي شيئًا في صناعة التعليم، لماذا يتخلف التعليم عن الركب؟ ولماذا يبدو أن الزخم للذكاء الاصطناعي في التعليم قد تلاشى إلى حدٍ كبير في السنوات القليلة الماضية؟
اقترح (Woolf) وآخرون عام ٢٠١٣ بعض "التحديات الكبيرة" التي ينبغي أن يعمل الذكاء الاصطناعي على معالجتها، بما في ذلك:
معلمٌ افتراضي لكل متعلم: حيث يكون هناك دعمٌ كلي يجمع بين نمذجة المستخدم والمحاكاة الاجتماعية وتمثيل المعرفة.
مواكبة مهارات القرن الحادي والعشرين: مساعدة المتعلمين في التوجيه والتقييم الذاتي والعمل الجماعي وما إلى ذلك.
تحليل بيانات التفاعل: تجميع كميات هائلة من البيانات حول التعلم الفردي والسياقات الاجتماعية وسياقات التعلم والاهتمامات الشخصية.
توفير الفرص للفصول الدراسية العالمية: زيادة الترابط وسهولة الوصول إلى الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم.
تقنيات مدى الحياة: أخذ التعلم خارج الفصل الدراسي والدخول إلى حياة المتعلم خارج المدرسة.
على مدى العقد الماضي، عالجت تطبيقات الذكاء الاصطناعي العديد من تحديات التعلم، بما في ذلك معالجة اللغة والتفكير والتخطيط والنمذجة المعرفية (Woolf ٢٠٠٩). كما تُعرف برامج الكمبيوتر المشهورة باسم أنظمة المعلم الذكي باتباع "الخطوات الذهنية" للمتعلم أثناء مهام حل المشكلات لتشخيص المفاهيم الخاطئة وتقدير فهم المتعلم للمجال. كما يمكن أن توفر أنظمة المعلم الذكي التوجيهات والتعليقات والتوضيحات في الوقت المناسب للمتعلم ويمكن أن تعزز سلوكيات التعلم المنتجة مثل التنظيم والمراقبة والتفسير الذاتي. علاوةً على ذلك يمكن أن يصف نظام المعلم الذكي أنشطة التعلم حسب مستوى الصعوبة والمحتوى الأنسب للمتعلم (Azevedo وHadwin ٢٠٠٥ وShute ٢٠٠٨ وVanLehn ٢٠٠٦). هذه الأنظمة قادرة أيضًا على محاكاة فوائد التدريس الفردي، وبعض هذه الأنظمة تتفوق على المعلمين غير المدربين في مواضيع محددة، ويمكنها أن تقترب من تأثير المعلمين الخبراء (VanLehn،٢٠١١). ومن الأمثلة الجديرة بالذكر على أنظمة المعلم الذكي هذه: (Tabtor) و(Carnegie Learning) و((Front Row. ويقارن التحليل الإحصائي نتائج المتعلمين باستخدام أنظمة المعلم الذكي مع نتائج المتعلمين باستخدام طرق تعليمية أخرى، وقد أدى استخدام أنظمة المعلم الذكي إلى زيادة مجموع النتائج (Ma وآخرون ٢٠١٤).
وفي تطبيق آخر للتعلم، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تنظيم وتجميع المحتوى لدعم تقديمه، وتُعرف التكنولوجيا باسم أنظمة التعلم العميقة حيث يمكنها قراءة وكتابة ومحاكاة السلوك البشري، فعلى سبيل المثال شركة (Dr. Scott R. Parfitt’s) لتقنيات المحتوى تمكن المعلمين من تجميع الكتب المدرسية المخصصة
حيث يستورد المعلمون منهجًا ويقوم محرك (CTI) بملئ كتابٍ مدرسي يحتوي على المضمون الأساسي.
وقد كان التقدم في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي رائعًا، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به لتعزيز علوم التعلم. في حين يتم إحراز بعض التقدم في جلب الذكاء الاصطناعي إلى مجال التعليم كما هو موضح أعلاه فإن هذه الجهود تتضائل بالمقارنة مع التقدم في المجالات الغير تعليمية. وكانت معظم الاختراقات المثيرة في عام ٢٠١٥ في مجالات خارج التعليم، فعلى سبيل المثال تجرب شركات مثل ((Amazon و(UPS) استخدام طائرات بدون طيار لتوصيل الطرود والسلع الأخرى إلى العملاء. مؤخرًا اشترت (Google) شركة برامج شاملة (DeepMind) من شركة بريطانية ناشئة مقابل نصف مليار دولار. حيث خصصت (Google) أكثر من ١٤٠ عالمًا في مجال الكمبيوتر لشركة (DeepMind) وعُلّمت البرامج مؤخرًا كيفية لعب ٤٩ لعبة فيديو قديمة بشكلٍ جيد بحيث تتفوق باستمرار على الأداء البشري للاعبين. واختبرت (Google) أيضًا السيارات التي تعمل بدون سائق، حيث تعلّم (PR2) وهو روبوت من جامعة (Cornell) كيفية القيام بمهام صغيرة مختلفة ثم علّم (Baxter) وهو روبوت آخر من جامعة (Brown) كيفية أداء المهام نفسها في بيئة بديلة، وحصل روبوت آخر ConceptNET4)) على اختبار الذكاء في مهام المفردات والمقارنات والإدراك وتبين أنه يمتلك ذكاء طفل في الرابعة من عمره.
أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا في مجال تحليلات التعلم المتنامية وتقييم جودة مواد المناهج والتعلم القائم على التكيف ومحركات التوصية، وهناك أيضًا إمكانية الذكاء الاصطناعي لإنشاء مسارات تعليمية فريدة للمتعلمين الأفراد في الدروس الجماعية المفتوحة والتعلم المختلط عبر الانترنت (Chaudhry،2013). (لمزيد من المعلومات حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي في هذه المجالات راجع الإصدار الخاص الحديث من مجلة (AI)).
إن إمكانيات الذكاء الاصطناعي لتقديم مساهمات كبيرة في أي مجال هائلة ولا ينبغي ترك التعليم وراءه.
المصدر: